البر في المملكة العربية السعودية يعني أي مكان للتنزه خارج النطاق العمراني، وهذا مصطلح عام جدًا. ويختلف الناس في حبهم للبر وفي أساليبهم المختلفة للخروج إلى البر، فالبعض يرى أن طريقته في الخروج إلى البر هي الطريقة الصحيحة والأمثل وأن غيرها لا تُعد رحلة بر. ولعبدالرحمن المقبل طريقته الخاصة والمميزة للخروج إلى بر التي تجعل الآخرين يرغبون بالخروج معه.
في مواسم البر، ستفتقد عبدالرحمن كثيرًا، حيث أنه لا يضيع أي فرصة للخروج إلى البر. وحين تفتقد عبدالرحمن، ستجده غالبًا في نفود الخرارة، فهو يذهب إليها كثيرًا حتى أنني أكاد أجزم أنه يعرف التغيرات في تشكيل الرمال بسبب الرياح والأمطار. حين ذهبت معه السبت الماضي، وقبيل وصولنا للخرارة، سألنا هذا السؤال: “هل تريدون الجلوس في مكان مُطِل أم في العمق بين النفود؟” أول ما تبادر في ذهني بعد سؤاله أن مياه الأمطار لم تجتمع بعد في قاع الخرارة لذلك لن يكون المكان المطل ممتعًا، ولكن لثقتنا بعبدالرحمن اخترنا مكانًا مُطِلًا. ولم يخب ظننا فيه، اختار لنا مكانًا يجمع بين الهدوء والإطلالة المتنوعة، حيث نرى على اليمين عشاق التطعيس يلهون ويلعبون بدون أن تصل إلينا ضجتهم، ونرى على اليسار كثبان رمل لا نهاية لها، وأمامنا نرى ما لا يمكن وصفه.
عبدالرحمن حين يخرج إلى البر، يجمع ما يحتاجه في سيارته الحبيبة إلى قلبه، الإكسبدشن، وإذا نقصه شيء يشتريه من أقرب المحلات فلا يترك الأمر في آخر محطة، وهذا من حرصه ألا ينقصه شيء أبدًا، حتى الناس، فمن يقرر الخروج مع عبدالرحمن فلن ينتظرك لتأتي إليه، بل سيأتي إلى منزلك ويأخذك معه. من أهم الأشياء التي يجمعها قبل الخروج للبر، الشاهي (الشاي)، اهتمامه بالشاهي ليس عاديًا، ستلحظ هذا الاهتمام في التفاصيل البسيطة كنوع البيالات التي عادة ما تكون مهملة عند الآخرين، فمعه ستكون واثقًا أنك ستشرب من بيالة نظيفة جدًا ولا تخشى أنها تكسر بمجرد صب الشاهي فيها، أما نوع الشاهي فيختاره عبدالرحمن بخبرته الطويلة في صنع الشاهي، فلن تجد معه شاي ليبتون الأصفر السيء الذي لا يستحق أن يُسمى شاهي، بل ستجد ألذ شاهٍ يستمتع به وفي رحلتنا كان شاهي الوزة، أما عن الإبريق، فلعبدالرحمن إبريقه الخاص بالشاهي في البر، حين يُخرج عبدالرحمن إبريقه من عزبته، سيُظهر لا إراديًا العديد من التعابير التي ستحكي عن حبه لهذا الإبريق، ولو سألته عنه سيحكي لك قصة أو قصصًا له مع هذا الإبريق الخاص جدًا، الأمر الأهم من هذا كله، أنك من أول رشفة لشاهي عبدالرحمن، ستتذوق هذا الاهتمام وقد تحس أنه شاهٍ معدٌ خصيصًا لك.
نادرًا ما ترى عبدالرحمن جالسًا في البر لا يفعل شيئًا، تحديدًا إذا كانت الرحلة خلال يومٍ واحد، في البداية سيعد الأغراض للجلسة حتى لو لم يعاونه أحد، ثم سيشعل النار باتقان، فغالبًا لن تراه يقوم بمحاولات عبثية لإشعال النار، ثم سيعد الشاهي، وأول ما ينتهي من شرب الشاهي، سوف تراه يمشي أو يركض أو يلعب ويلهو بطرق أخرى، أو سيركب سيارته العزيزة ليُطعِّس، التطعيس مع عبدالرحمن رائع للغاية، فهو لا يقود بتهور يجعلك تترقب الحوادث والمصائب ولا يُطيل التطعيس فتمل وتتمنى التوقف، فتجربة التطعيس معه آمنة وغير مملة وممتعة جدًا.
أتمنى الخروج مع عبدالرحمن المقبل مرة أخرى قبل انقضاء موسم البر.