في اليوم السادس من شهر كانون الأول لعام ٢٠١٧م، صليت صلاة الجمعة في جامع قريب من منزلي والمعروف بالتبكير بالصلاة، لأن لدي رحلة بالطائرة إلى مدينة جدة في الساعة الثالثة والثلث. خططت لهذه السفرة مع صديقي عبدالرحمن السياري، الذي يفوق حماسه حماسي.
قبل أن أتكلم عن الرحلة، سأتكلم عن عبدالرحمن. لدى عبدالرحمن العديد من الخبرات في السفر، فقد سافر إلى مشرق الأرض ومغربها وشمالها وجنوبها، فرحلة إلى جدة بالنسبة له رحلة بسيطة لا تستدعي الكثير من التأهب والحذر. ومع ذلك، حماس عبدالرحمن لهذه الرحلة يفوق التصورات، وهذا بسبب أن رجلًا غربيًا عاتبه مرة قائلًا: “كيف لك أن تعيش في السعودية ولا تذهب إلى رحلة غوص في البحر الأحمر وهو أجمل بحار الدنيا” عندما قال لي ما قاله الغربي هذا، لم أتردد في الموافقة على السفر معه.
في الساعة ١٢:٤٥م، انطلقت بسيارتي إلى منزل عبدالرحمن ثم إلى المطار، والحمدلله وصلنا المطار في الساعة الثانية مساءً، وبما أننا قد قصصنا بطاقة صعود الطائرة مسبقًا، أخذنا نجول كثيرًا في الصالة الخامسة لمطار الرياض، يمكننا الآن أن ندلك على أفضل المطاعم والمقاهي في هذه الصالة. وكعادة الرحلات الجوية في السعودية، تأخرت رحلتنا ما لا يقل عن ٢٠ دقيقة.
وصلنا إلى مطار جدة قبيل الساعة السادسة مساء، وكان الجو مختلفًا تمامًا عن جو الرياض، فليس من الممكن أن تلبس ملابسك الشتوية في جدة، ولكن الجو كان معتدلًا غير حار ولا مكتوم أو رطب. ذهبنا فور نزولنًا إلى مكاتب تأجير السيارات، والحمدلله أن عبدالرحمن معي، فقط كانت المكاتب لا تؤجر إلا عملائها لأن عدد المستأجرين كبير جدًا كالعادة في يوم الجمعة، وعبدالرحمن عميل لأحد هذه المكاتب، كما أننا استحقينا خصمًا لأنه يعمل في الحرس الوطني.
أخذنا السيارة وذهبنا مباشرة إلى الفندق اللي حجزناه، يقع الفندق على طريق المدينة المنورة بالقرب من حي الحمراء. حجزنا هذا الفندق، سنترو شاهين، مسبقًا عن طريق أحد مواقع الحجوزات وكان معروض بخصم رائع حسب موقعه في مدينة جدة وتصنيفه وتقييماته. وبعد وصولنا إلى الفندق، رأينا أنه كان من الأفضل لو استأجرنا فندقًا آخر حيث كان يمكننا الحصول على فندق أفخم بسعر مقارب أو موقع أفضل.
صلينا المغرب والعشاء، وانطلقنا لنرى جدة، المدينة السياحية الأبرز في غرب السعودية. اتجهنا إلى مقهى له إطلالة بحرية رائعة، وهذه الإطلالة جعلتنا نتغاضى عن سوء الخدمة التي واجهتنا من عامل المقهى الذي لم يسمح لنا بالجلوس في الطاولة التي أردنا لأسباب لا نعلمها حتى اللحظة وتأخره في أخذ طلبنا وتأخره أيضًا في إحضار الطلب، ولكن كانت كيكة الأوريو رائعة وباردة فأنستنا كل ما قد يغضبنا أو يقلل من سعادتنا. جلسنا في هذا المقهى لمدة ساعة من المتعة.
خرجنا من هذا المقهى ونيتي أننا سنذهب إلى كورنيش جدة الجديد، ولكن عبدالرحمن أقنعني بأن نذهب للعشاء أولًا، والحمدلله أنه أقنعني بهذا. ذهبنا إلى مطعم قد نصحه به أحد معارفه، لكننا عندما رأينا جلساته لم يحز على رضانا، فاقترحت أن نذهب إلى أحد مطاعمي العالمية المفضلة، ألا وهو تشيز كيك فاكتوري، ووافق عبدالرحمن على هذا الاقتراح وذلك لأنه قد زاره سابقًا وأعجبه أيضًا، ولكن حين وصلنا إلى المجمع الذي يقع فيه هذا المطعم، رأيت ما لم أتوقع وما لم أستطع أن أخفي بهجتي وساعدتي برؤيته، فقد رأيت مطعم تكساس رد هاوس، والحقيقة أنني حولت خطة العشاء إلى هذا المطعم، حتى أن عبدالرحمن حين أحس بحماسي لهذا المطعم لم يستطع إلّا أن يذهب معي دون تردد. قدم لنا المطعم خبز الضيافة الذي يشتهر به، فلم نتوقف عن أكله حتى بدأ العاملون في المطعم بإحضار أطباق المقبلات التي حازت على رضانا وعظيم إعجابنا. وطال انتظارنا لوجبتنا الرئيسية، ستيك ريب آي وستيك نيويورك سترب، والستيك في تكساس رد هاوس، هو رمز الستيك الحقيقي.
وبعد أن شبعنا بفضل الله ونعمته، ألغينا فكرة أن نذهب إلى الكورنيش في هذه الليلة، وقررنا النوم ولا شيء غير النوم، خصوصًا أننا خططنا أن نصحى في تمام الساعة السادسة صباحًا من يوم السبت لنبدأ رحلة الغوض.
عُمَر أحيانًا 