ملتقى ألوان أصبح من الأحداث الذي أنتظرها كل سنة، ففي هذا الملتقى تجد العديد من المصورين المبدعين يعرضون أعمالهم الإبداعية تحت سقف واحد. وهذا أمر لا يمكن تفويته خصوصًا أن هذا الملتقى يكون خلال أيام معدودة كل سنة، وفي كل سنة يتجدد الملتقى بالعارضين كما يتطور بشكل ملحوظ في التنظيم، فمن المستحيل أن يكون ملتقى ألوان لهذه السنة مشابه للسنة الماضية.
يمتاز ملتقى ألوان بتنوعه الكبير، فتجد في الملتقى جهات كالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون تعرض بعضًا من أروع الأعمال، كما يمكنك التعرف على الجمعية من خلال ممثليهم في الملتقى أو منشوراتهم المختلفة. وتجد أيضًا بعض المجموعات التي تثريك بصور ومعلومات قيمة، كرابطة مصوري خيبر، الذين يتواجدون كل سنة، وفي كل سنة يتجدد معرضهم بالصور والألوان. بالإضافة إلى تواجد عدد من الشركات التي تدعم الفن في المملكة العربية السعودية، وأبرز مثال لهذا: شركة المراعي التي تشارك في الملتقى بمسابقة لحظات التي تقام سنويًا بالشراكة مع ناشونال جيوغرافيك أبوظبي، ففي هذا المعرض تجدد مجموعة من أروع الصور التي تتميز بالتقاطة مذهلة ومراعية لأفضل معايير فن التصوير.
وأبرز ما يجذبني لملتقى ألوان، وجود معارض المصورين الأفراد، وإن كانت مساحة معارضهم محدودة جدًا، فإن إبداعاتهم لا حدود لها، فلا تجد في معرض ما تجده في المعرض الآخر، فلكل مصور لمسته الخاصة التي لا يمكن تجاهله. وفي بعض هذه المعارض، ترى صورة تأتي بك من بعيد لتتأملها فقط. والأمر لا يقف عند هذا الحد، فكل مصور قام بترتيب صوره لعرضها بأفضل ترتيب ليجعل عين الزائر تتأمل بارتياح واستمتاع.
استمتعت بزيارتي اليوم لملتقى ألوان أكثر من السنوات السابقة وهذا بسبب ازدياد معارض الأفراد مقارنة بالسنة الماضية. وقد حظيت بزيارة العديد من معارض الأفراد التي وددت ألّا أخرج منها. وأول هذه المعارض، معرض بكتشر ات. جذبني لهذا المعرض وجود العديد من صور الأطفال الرضع، ومن لا ينجذب لهذه الصور، وعند المعرض رحب بي رجل يوحي شكله بأنه في العشرين من العمر، فهمت من هذا الرجل أن صاحبة جميع هذه الصور هي أمه، أما ما أذهلني حقًا، أن جميع الصور المعروضة هي صور له ولإخوانه وهم أطفال، شعرت في هذا المعرض بروح أسرية كبيرة.
تنقلت بعدها بين المعارض حتى وصلت إلى معرض موناش السعودي. في هذا المعرض دعتني صورة فيه من إبداعات هند غالب، هذه الصورة كانت لمقدمة باب أثري تأتيه الإضاءة من جانبه الثابت، هذه الصورة التقطت بفن جعلني أقف أمامها منتظرًا أن يُفتح الباب، وهذه المرحلة من الإبداع الذي يجعلك تنتظر من جسم ساكن في صورة أن يتحرك، هي مرحلة متقدمة لا يصل إليها الجميع. ومن هنا انتقلت بعدها إلى معرض المصورة لطيفة العجاجي، وفي هذا المعرض وققت تائهًا اتنقل بين صورة وأخرى دون أن أتحرك، فلطيفة متخصصة في تصوير الأبواب والنوافذ والأقواس المعمارية، وكنت غارقًا في هذه الصور أدخل من باب وأخرج من آخر فأرى نفسي أمام نافذة لا أقوى على إبعاد عيني عنها.
وفي جولتي بين المعارض، استوقفتني صورة في معرض المصورة شعاع الفريح، الصورة لفتاة ترتدي قبعة على خلفية بيضاء، تظهر الفتاة من الجانب بلون أسود كالظل، وحدود الوجه واضحة جدًا، في حين أن القبعة تظهر أقرب للطبيعية، ولا يظهر أي جزء في الصورة خارج التركيز، الأمر الذي جعلني أرى تفاصيل القبعة وحدودها بكل وضوح. وعند النظر في صور شعاع، تجد أنها مبدعة في إظهار حدود وتفاصيل العناصر بكل وضوح.
وبين كل هذه الإبداعات المختلفة، وجدت عبدالعزيز البقشي ينفرد بأسلوبه الخاص، حيث جعل معرضه مخصص فقط لمشروعه الجميل الذي أسماه “حكايا صامته”. جميع الصور في هذا المشروع هي من اللون الأبيض والأسود فقط. وتجلت صورة الحمير الوحشية في معرضه بصورة كبيرة، أذهلتني هذه الصورة ومتأكد أنها ستذهل كل من يراها.
ورغم كثرة الصور في ملتقى ألوان، فإن معرض مرام الصايغ لا يحتوي إلا على أربعة صور، ولكنها صور ملتقطة بتفانٍ كبير ومنتقاة بعناية لتكون في هذا الملتقى، جميع هذه الصور لمأكولات في موائد راقية كالتي تقدمها المطاعم الفخمة، وهذا ما جعل معرضها في قمة البساطة والرقي. أما في معرض أمجاد نعيم، فالقصة مختلفة وإن كان موضوع الصور هو المأكولات، أول ما شدني لمعرض أمجاد، صور تحتوي على ستة ملاعق، وفي كل ملعقة نوع من أنواع البهارات وكل نوع له لون يختلف عن الآخر. انتقلت من هذه الصورة إلى باقي المعرض، لأجد صورة للسوشي مشهية جدًا ومجموعة صور لذيذة للجريش.
مرام الصايغ: انستغرام، سنابتشات.
أمجاد نعيم: انستغرام المنتجات، انستغرام الأعراس، سنابتشات.
لم يخطر في بالي إطلاقًا أنني سأرى في ملتقى ألوان، ما رأيته في معرض صفيه الهندي. صفيه بكل بساطة قدمت لي تحديًا جديدًا في التصوير، فأهم مجالات التصوير التي أهواها، هو مجال تصوير الإضاءات، مثل لمبات الشارع، وهذا بالضبط ما وجدته في معرض صفيه، ولكن باتقان عالٍ جدا وبروعة لم ألتقط مثلها بعد، وبعد زيارتي لمعرضها جعلت هدفي أن ألتقط صورًا للإضاءات كجمال صور صفيه، وسأسعى جاهدًا بإذن الله لتحقيق هذا الهدف.
صفيه الهندي: انستغرام، سنابتشات، تويتر.
لم يقف انبهاري عند هذا الحد، فرؤية صور الطرق والممرات التي استدعت أن أتوقف وأتأملها صورة صورة، في معرض لمياء الكبير و معرض كريمة العتيبي، جعلتني أستمر في رحلتي الرائعة في هذا الملتقى الجميل، الذي تعرفت فيه على وادي الدواسر من خلال معرض الفنان مبارك الوزره، الذي قدم لي من خلال صوره روعة الوادي. ومازلت منبهرًا بعدما رأيت الصور الساحرة بنقائها في معرضي محمد العنزي وباسل المشرف. والانبهار كبر وتجدد حين رأيت الصور في معرضي بدر فؤاد وزايد اللاحم، فزايد التقط صورةً مذهلة لمنارة مسجد أثري من خلال قوس ممر حجري يؤدي إلى المسجد، أما بدر التقط صورة مذهلة للحرم المكي في عين زائرٍ للحرم بكل إبداع، والتقط ابراهيم بن خليف صورة مشابهة في فكرتها للصورتين السابقتين لبرج المملكة.
مبارك الوزره: انستغرام، سنابتشات.
محمد العنزي: انستغرام، سنابتشات، تويتر.
باسل المشرف: الموقع، انستغرام.
زايد اللاحم: انستغرام، سنابتشات، تويتر.
أما باسم الحملي فقدم فنًا مختلفًا عن سابقيه، في صور باسم مجموعة من الرجال وجهوا أعينهم إليه أثناء التقاط الصور، وبالإضافة إلى العزل المبتكر في هذه الصور، أحسست أن الرجال في هذه الصور يريدون التحدث. كذلك ابراهيم العجاحي، الذي أظهر الطيور والطبيعة في صوره بأسلوب منفرد، وتحديدًا في صورة الطير الأحمر. كما قدم زياد الحربي بتفرد جديد ثمان صور لعناصر دقيقة مكبرة على مساحة الصورة مثل أوراق الشجر وقطرة ماء فوق العشب. أما تغريد محمد فاستقلت بفنها، فبالإضافة إلى صورها التي تمتاز بصفاء عال، وضعت لوحات قد رسمتها باستخدام الفوتوشوب، أمر لا تصدقه حتى تراه.
باسم الحملي: انستغرام، سنابتشات.
ابراهيم العجاجي: انستغرام، سنابتشات، تويتر.
تغريد محمد: انستغرام، سنابتشات.
وأخيرًا، رائد اللحياني، الاسم الذي لن أنساه في عالم التصوير. تتفوق صور رائد بتماثل نصفيها بكل دقة. في كل صور رائد تستطيع أن تقطع الصور من المنتصف، لتراها نصفين متطابقين لا تفرق بينهما، تحديدً صورة بوابة الملك عبدالله في الحرم المكي.
رائد اللحياني: الموقع، انستغرام، تويتر.
لم أستطع أن أكبح نفسي عن الكتابة عما رأيت في ملتقى ألوان وأكتب في يومٍ آخر، ولم أستطع أن أنام حتى أكمل هذا المقال الجميل، الذي عاد بي إلى زيارتي للمعرض بنفس الانبهار.
أشكر جميع القائمين على ملتقى ألوان، كما أشكر بشكل خاص هؤلاء الفنانين المبدعين الذي تعبوا واجتهدوا ليظهروا بهذه الصورة الجميلة التي أمتعتني كل المتعة.
عُمَر أحيانًا 