طرح فكرة جديدة أمام مجموعة من الأصدقاء أمر في غاية البساطة، وقد تحدث الفكرة نقاشًا أو جدلًا، وقد تُنسى بعد الحديث عنها فورًا. وعلى النقيض، فإن تنفيذ الفكرة الجديدة وطرحها للعامة يتطلب بحثًا ودراسة لتحقق الأهداف، وشجاعة في اتخاذ القرار، والتزامًا لا يشوبه انهزام. وهكذا نشأت واستمرت عربة سكووب Scoop.
مع ثورة عربات الأطعمة حول العالم في السنوات القليلة الماضية، بدأت مجموعة بالبحث عن فكرة لعربة طعام تنافسية ذات فكرة فريدة في السوق السعودي، وللتأكد بأنها فريدة، فقد تم البحث في السوق، وتم التوصل إلى نتيجتين:
- الأولى: معظم العربات تقدم نوعين من المنتجات، فإما أن تقدم البرجر وملحقاتها المعتادة مثل البطاطس، أو تقدم القهوة مع مجموعة من أطباق الحلا المتقاربة.
- الثانية: أن أسعار هذه المنتجات مرتفعة ولا تختلف كثيرًا عن أسعار المطاعم والمقاهي القائمة في ذلك الوقت.
وبناء على النتيجة الأولى، قامت المجموعة بالبحث عن المنتج الفريد، وقد تم التوصل إلى منتج فريد جدًا لم يسبق تقديمه للسوق السعودي إطلاقًا. ولكن المجموعة لم تتوقف عند هذا، فقد بحثت عن إعداد هذا المنتج بأفضل جودة وبأقل تكلفة لتمكنها من تقديم المنتج للسوق المستهدف.
يتكون المنتج الفريد للعربة من قطعتي كوكيز يتوسطها كمية من الآيس كريم ويسمى: ساندويتش الكوكيز. تتميز هذه الوجبة بقطع الكوكيز التي تعد يوميًا في المنزل بأجود المكونات لضمان الحفاظ على جودتها وتقديمها للزبائن بصورتها المغرية وبرقتها التي تجعل منها الشريك المثالي للاستمتاع بها مع الآيس كريم من القضمة الأولى حتى النهاية.
تم إعداد ساندويتش الكوكيز مرات ومرات، حتى توصلت المجموعة إلى الطريقة الأمثل للإعداد. وخلال هذا، كان يجري البحث عن أساليب البيع والتسويق بدءًا بالعربة ذاتها. رغبة المجموعة ببدء المشروع على الأسس الصحيحة، دعتها إلى شراء عربة مستوردة من الصين ومصنعة وفق أعلى معايير الجودة والأداء والأمن والسلامة، وتصميم مظهرها الخارجي حسب رغبة المجموعة التي حرصت على أن يكون مظهر العربة يحمل معنى العربة بما تقدمه وكيف يتم تقديمه، وأسمتها “سكووب Scoop”. وليسهل إيصال رسالة العربة فقد تم التعاون مع مصمم الجرافيك عبدالله السياري، الذي صمم الشعار بألوان زاهية تتناسب مع منتجات العربة ورسالتها. واستمر تعاون المصمم مع المجموعة في تصميم منشورات العربة لمنصات التواصل الإجتماعي، وتصميم ما تحتاجه العربة مثل قائمة الأطعمة والمشروبات وتصميم بطاقة العمل الخاصة بالعربة.
هذه البداية المذهلة، حفزت المجموعة للعمل بأقصى طاقات ممكنة بقيادة عبدالرحمن المقبل. ذلك ما أدى إلى جر العربة إلى أماكن متعددة في مدينة الرياض الشاسعة، لتكون العربة دائما حيث يتواجد العملاء المستهدفين؛ من شمال الرياض على طريق الملك فهد إلى وسط الرياض بالقرب من ميدان القاهرة إلى أقصى شرقها في أستاد الملك فهد، وإلى أبعد من حدود منطقة الرياض، حتى وصلت العربة إلى مدينة سكاكا. فبدأت العربة بالتنوع في منتجاتها، لتقدم أشكالًا مختلفة من الآيس كريم، وأصنافا جديدة من المنتجات مثل القهوة. ورغم ضغط ظروف السوق السلبية مثل التنافسية غير الشريفة، والعشوائية في تنظيم سوق العربات بصورته الجديدة في السوق السعودي، بالإضافة إلى سرقة مولد الطاقة الذي كان يتميز بمواصفات تتناسب مع عمل العربة، حيث كان يتميز بوزنه الخفيف ومستوى صوته المنخفض، لم تتوقف العربة عن العمل، بل استمرت لتقدم المزيد وتتطور. ومن هنا بدأت العربة تحظى باهتمام أكبر، حيث بدأت بتلقي الطلبات للتواجد في الاجتماعات والاحتفالات الخاصة، وقد حظيت بالإشادة لجودة منتجاتها بأسعارها المنخفضة.
همت شمس هذا الواقع للغروب، حين حاصرت أعضاء العربة ظروف الحياة المختلفة، مما أدى إلى انسحاب المجموعة واحدًا تلوى الآخر، حتى بات عبدالرحمن يعمل وحيدًا على هذه العربة، يجرها إلى أقرب الحدائق لسكنه، وبجهد عالٍ يذهب وبجهد عالٍ يرجع. حتى توقفت العربة لاحقًا عن العمل، عندما انشغل عبدالرحمن أيضًا بدراسته فقد كان في آخر سنة في حياته الجامعية.
أصبحت عربة سكووب مغطاة بالغبار، مركونة بلا حراك، منظرها لا يسر العابرين. حتى حانت ساعة السحَر، عندما تخرج عبدالرحمن من الجامعة، فأشرقت شمس العربة من جديد. أزاح عبدالرحمن عن العربة الغبار، وعاد لجرها إلى حيث زبائنها الذي يُسَرون برؤيتها. وعادت سكووب لتقديم ساندويتش الكوكيز والآيس كريم والقهوة، بنفس الجودة القديمة وبنفس الأسعار، ولكن بروح جديدة.
يمكنكم متابعة جديد العربة على:
عمل في عربة سكووب ما قبل التشغيل حتى تاريخ نشر المقال:
معاذ المقبل: عمل على تصميم العربة، والبحث عن أفضل العربات، ودعم العربة ماديًا حتى هذه اللحظة، وابتكار الخلطة الخاصة بــكوكيز سكووب.
ناصر المقبل: عمل لفترة ما على خدمة الزبائن وإعداد الأطباق.
فهد الجليل: عمل لفترة ما على خدمة الزبائن وإعداد الأطباق.
محمد المقبل: عمل لفترة ما على خدمة الزبائن وإعداد الأطباق.
أحمد البارقي: اقترح بإصرار على إضافة القهوة لمنتجات لعربة، كما عمل لفترة ما على خدمة الزبائن وإعداد الأطباق.
عبدالله السياري: تصميم احتياجات العربة التسويقية، من منشورات مطبوعة وإلكترونية لمنصات التواصل وقوائم الأطعمة، وغيرها.
كتبت هذا المقال هدية لــعبدالرحمن المقبل بمناسبة تخرجه من الجامعة.