تاريخ الشاورما مجهول التفاصيل، وعديد من الأسئلة لا إجابة لها، ومنها ما أقدم مطعم شاورما في السعودية أو في الرياض؟ ومن أين أتينا باسم “شاورما”؟ ولكن كل هذا غير مهم أمام لذة الشاورما، فحين تبدأ بأكل الشاورما، تفقد أربع حواس وتبقى حاسة التذوق، أو على الأقل هذا ما يحدث معي، فأنا أفقد أيضًا المنطق والحساب، وتبقى ذكرياتي مع الشاورما.
سأستخدم كلمة شطيرة بدلًا من ساندويتش لأني لا أحب هذا اللفظ البعيد عن الألفاظ العربية.
لا أذكر متى سمعت كلمة شاورما للمرة الأولى ومتى أكلتها للمرة الأولى وكم أود تذكر تلك اللحظة، ولكن ذكرياتي الأولى عن الشاورما كانت من مطعم الصاج الذهبي، لم أكن أعلم لماذا هذا المطعم ولم أكن أهتم بالشاورما أساسًا، ولكن كبرت قليلًا فأصبحت أعرف مطعم شاورما قريب من بيتنا، مطعم “دجاجتي”، بمجرد تذكر الاسم يسيل لعابي، كان المطعم صغيرًا جدًا وسيخ الشاورما قريب جدًا من باب المطعم، فبمجرد مرورك على الشارع تشم رائحة الشاورما الشهية، كان المطعم يلف شطيرة الشاروما بخبز مفرود صغير مدهونة بالمايونيز الخاص بالمطعم وتحتوي إضافة على قطع دجاج الشاورما على قطع من البطاطس والمخلل، فشطيرتيّ شاورما “دجاجتي” مع الببسي تجول بك في نعيم.
صدر لاحقًا نظام يمنع المطاعم من تحضير مايونيز خاص في المطعم، وذلك لأسباب صحية ووقائية، حينها كنت قد تعرفت على نوع آخر من الشاورما، الشاورما العربي، كنا نتلذذ بها من مطعم فطيرة الدمشقية، لكني حينها لم أكن أعرف كيف يتم تحضير الشاورما العربي، ولم تُقدم مقطعة في صحن، فكل ما كان يهمني، أنها كانت غاية في اللذة، أما عن التطور الكبير في حياتي مع الشاورما، فكان عندما بدأ أبي بإحضار الشاورما من مطعم الرفادة، لا أعلم كيف أصف الأمر، فقد كانت الشاورما من مطعم الرفادة تحتوي على لذة إضافية، وذلك لأنهم يلفون الشاورما بخبز الصاج، ثم توضع على الصاج الساخن بعد التحضيرة لفترة، ثم تكون جاهزة للأكل، كان هذا المطعم هو المسؤول الأول عن زيادة شهيتي للأكل.
عندما بدأت بامتلاك مفتاح السيارة الأولى، كان مطعم “دجاجتي” قد تم إغلاقه للأبد، ولكن مطاعم الشاورما القريبة لم تختفي كليًا، فحينها بدأت أذهب مع أبناء عمومتي إلى مطعم “جنيه”، في هذا المطعم تعرفت على شاورما الصاروخ، والصاروخ عبارة عن شاورما ملفوفة بخبز مفرود كبير وتحتوي طبعًا على كميات أكبر من المكونات في شطيرة الشاورما العادية، أتذكر أننا كنا نطلب الشاورما من المطعم ونأكلها في السيارة دون أن نتحرك، لا أدري لماذا لكن المتعة كانت عارمة حينها، وأحيانا كنا نذهب لمطعم “تيسير”، لكن أهم مشاكل هذا المطعم أنه كان لا يبيع الببسي، وهذه مشكلة عويصة، فلا شاورما في ذلك الزمان دون ببسي، وظهر حينها مجموعة من المطاعم التي تضيف إلى الشاورما ما ليس منها، مثل شاورما “حسن” الذي يضيف السلطة، ومطعم آخر يضيف الخلطة الحِرِّيفة اللاذعة.
بعد فترة سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة، وكان أكثر ما أشتهي من الطعام ولا أجده هو الشاورما، كانت ذكرها تبعث برائحة إلي ولكن الرائحة لا تشبع ولا تغني من جوع، قمت بأكل الشاورما من مطاعم تقدمها هناك، ولكنها فاقدة لأصالة الشاورما كما أعرف، وبعد عامين، عدت إلى الرياض مرة أخرى، لأجد أن الناس تشعبوا في مطاعم الشاورما، وأصبحت أسمع مدحًا لمطاعم بعيدة عن بيتنا مثل مطعم “اللؤلؤة”، ولكن ما سيطر على سوق الشاورما حيث كنت أسكن كان مطعم “ماما نورة”، كيف أصف شاورما ماما نورة؟ كانت وما زالت لذيذة ولكنها صغيرة، وكنت حينها قد بدأت رحلة السمنة، فبدأت تتزايد عدد الشاورمات التي أكلها من هذا المطعم الذي كان يقدمها لذيذة لا تقاوم، فأذكر مرة كنت مع أصدقائي وقد طلبت خمس شاورمات، ولكنني مع تلذذي واستمتاعي، لم أدرك كم شاورما أكلت، ولم يتبق إلا شاورما واحدة، فاختلفت لمن هي مع أحد الأصحاب، وانتهى الأمر بأن آكلها بعد أن تنازل عنها صاحبي، ومن حينها أصبحت أطلب ست شاورمات من مطعم “ماما نورة”.
استمرت الحياة على هذا الحال، حتى وجدت نفسي أود تجربة شاورما “الصاج الذهبي”، كانت تجربة أعادت لي طفولتي وكيف كنت طفلًا صغيرًا نحيلًا، توصلت منذ القضمة الأولى إلى أن شاورما “الصاج الذهبي” هي الشاورما الأصيلة الحقيقية، لا أدري ما السر لكنها هي الشاورما كما أعرف وكما أحب، وهذا ما يضعني دائمًا في حيرة ففروع المطعم بعيدة عن بيتنا، حتى افتتح مطعم “بيت الشاورما” فرعًا قريبًا وأخيرًا، حين تسمع عن شاورما هذا المطعم ستسمع المديح عن شاورما العربي لديهم، أما أنا فأفضل صحن الشاورما لديهم، حيث ترى شرائح الشاورما على صحن مع طبق جانبي من البطاطس المقلي وآخر من المخللات، وقطع من الخبز المفرود، وهذه ما أصبحت حاليًا لحظاتي الماتعة مع الشاورما.
ذكرياتي مع الشاروما بفضل الله باقية وتتجدد، وما زلت فانتظار مطعم جديد يحدث ثورة في عالم الشاورما، مع الإحاطة أن مجموعة من المطاعم لم أستطع ذكرها آنفا لضيق المجال مثل شاورما مطعم “سمرات” الذي كنت آكلها عند بيت عمي، فالشاورما كانت وما زالت وجبة اللقاءات السعيدة.
هل تتذكر معطم شاورما قدم لك لحظات سحرية لا تنسى؟
2 replies on “شاورما من الذكريات”
عفوًا عزيزي الكاتب ..
لا اتفق معك في موضوع بيت الشاورما فمستواه ليس بمستوى جنية وماما نورة والعزيز دائمًا الرفادة لعدة أسباب لا يسعني شرحها الأن ، تمنياتي لك بدوام الصحة والسعادة مع الشاورما.
إعجابإعجاب
الاختلاف في الشاورما المفضلة اختلاف حسن يوصلنا إلى تذوق العديد من المطاعم، ولكننا بالطبع لن نختلف على حب الشاورما.
إعجابإعجاب