عاش المهندس عبدالعزيز السياري في مصر لمدة تجاوزت السنتين، وفي مقابلة: العمل في مصر مع المهندس عبدالعزيز حدثنا عن العمل هناك وبيئة العمل وزملاء العمل، أما هنا فسيحدثنا عن الحياة في مصر خارج العمل.
الحياة العامة في مصر وبيروت كذلك
رغم فترة العمل القصيرة في بيروت، إلا أن الحياة هناك كانت مرعبة جدًا خصوصا أننا كنا في فترة توتر سياسي بين لبنان والسعودية، فأول ما تراه بعد الخروج من المطار أعلام صفراء ليست أعلام لبنان، ومع أن بيروت هي العاصمة فإن الكهرباء تعمل لمدة ٢١ ساعة في اليوم فقط، مما جعلني أتسمم مرة في بيروت وذلك ما لم يحدث في مصر، إضافة إلى أن الحياة في لبنان كانت مكلفة جدًا.
أما في مصر فقد خدمنا فرق العملة، وقد كنت في مصر قبل تعويم الجنيه، وبعد التعويم مباشرة كانت الأسعار بالجنيه تزداد ببطئ فلم نكن نحس بها، لكن عدت إلى السعودية لمدة سنة ثم ذهبت إلى مصر مرة أخرى فأحسست بالفرق مباشرة، فالمطعم الذي كنا نأكل فيه بمئة جنيه أصبحنا نأكل فيه بمئتي جنيه على الأقل، لذلك كنت دائمًا أقول للجميع أن مصر ليست بذلك الرخص، لكن لا يفهمني أحد، لأن هذا أمر محسوس فقط إذا عشت هناك لفترة ما، فمثلا كان سعر الدجاجة بخمس وخمسين جنيه التي تساوي تقريبا ١٣ ريال وهذا مقارب للسعر في السعودية، وبما أن أغلبية فترتي هناك كنت أعزب وذلك يعني الأكل من المطاعم أكثر وهذا يعني أن الدفع أكثر.
إن السوق المصري بغالبه يعتمد على المفاوضة في الأسعار وهذا أمر في غاية الأهمية، حتى أن مرة أوقفتني الشرطة لعدم حملي لرخصة قيادة وغرامة هذا الأمر كانت ٥٠٠ جنيه، وبعد التفاوض دفعت ١٠٠ جنيه فقط، وقد كان الدفع مباشرة للعسكري، وهذه المفاوضة لا يمكن ممارستها إلا بعد خبرة من التعامل مع الشعب المصري، وأهم تصرف في هذه الحالات أن تبدأ برفض كل شيء، والأمر لا يتوقف عند الأسعار فقط بل في كل التعاملات، فأول طلب يطلب منك لابد أن ترفضه، حتى أنهم يظهرون الموافقة لاحقًا بلا رغبة منهم، حتى أن صاحبي عند خروجه من أحد الفنادق قد غرموه على تأخره في المغادرة وقد رفض، واستمر في رفضه حتى غادر الفندق دون دفع شيء.
أما النكتة فهي أن غالبية الأحاديث والنقاش الجدي يجب الابتعاد عنه قدر الإمكان لراحتك خصوصا مع سائقي الأجرة، كما أن في مصر تنتشر الإشاعات التي يصدقها الجميع بسرعة عالية خصوصا على منصة الفيسبوك.
وأما الأهم أننا كنا نحس في مصر بالأمان المطلق، كما أن الشعب المصري يحب الخدمة والمساعدة، وقد أخبرني بندر ابن عمي قبل ذهابي إلى مصر جملة لا أنساها “امش في مصر وجميع من في الشارع أصحابك”.
صعوبة الاندماج بالمجتمع المصري
سمعة السعودي في مصر ليست جيدة بما فيه الكفاية، مما صعب الموضوع، خاصة وأن الشباب الذين في أعمارنا كانوا مشغولين جدًا فلا يصلون إلى المنزل إلا قرابة الساعة السابعة كما أن الكثير منهم يحضرون لشهادة الماجستير، أما في بيروت فالموضوع مختلف قليلا، وذلك لكثرة المسيحيين هناك الذين ليس لديهم تصور سلبي مسبق عن السعودية، ورغم كل هذا فإنني سبق وخرجت مع زملاء العمل في مصر ولكن كان ذلك نادر.
تأثير السعودي السائح
السائح دائمًا ما يقلل من قيمة النقود، والغالبية العظمى أن السعوديين في مصر سياح، لذلك فإن سمعة السعودي في مصر هي أنه يدفع الكثير جدًا لدرجة الاستغفال، حتى أننا مرة في الأهرامات ركبنا الحنطور إضافة إلى خيل آخر وقد دفعنا مئتي جنيه فقط، وبعد فترة أحد أصدقائي قدم إلى مصر للسياحة مع صاحبه، وقد ذهبوا إلى الأهرامات وسألتهم عن سعر الحنطور، وقد أجابوا بافتخار أنهم لم يتم استغفالهم وذلك لأنهم دخلوا الأهرامات مع سائق مصري يعرفونه، وأعرف هذا بعد تعاملي مع “عبده”، الذي أخبرني أن السائقين في مصر يأخذون عمولة لإحضار الزبائن إلى جميع الأماكن الربحية مثل المطاعم والمقاهي وكذلك الأهرامات وبالتالي فإن جميع هذه الأماكن تزيد أسعارها إذا شاهدت أن السائح قدم مع سائق لإعطاء عمولة للسائق، وقد عرض صاحب الحنطور سعر ١٦٠٠ جنيه تقريبا لكن السائق تدخل وفاوض مفاوضة خاصة على السعر حتى وصل إلى ٨٠٠ جنيه، والواقع أن المفاوضة بين السائق وصاحب الحنطور كانت على عمولة السائق، فبالتالي يحس الشعب المصري أن السعودي غني يحب الدفع ورمي النقود ويسهل استغفاله، حتى أنا “وائل عبد” صاحبي دائمًا ما يُتهم بمصاحبته للسعوديين لأموالهم فقط لا لصحبتهم، ودائمًا أسعار المطاعم تشمل رسوم الخدمة فلا داعي أصلا للعامل أن يأخذ المبلغ الإضافي المعروف بالبخشيش، وكسائح لا يهم هذا المبلغ ولكن كشخص يعيش في مصر فهذه مصروفات إضافية مزعجة.
الأسواق والأطعمة
أرى أن الأسواق المغلقة والمشهورة حاليا باسم “المول” تحكي حال الشعب الاقتصادي، في أسواق مصر مثل سيتي ستار تجد ازدحاما في ممرات المطاعم الاقتصادية وهدوء في ممرات المطاعم الفاخرة، وترى الممرات مليئة بالناس لكن المحلات فارغة حتى أنك تجد عامل المحل واقف عند باب المحل.
أما عن الأطعمة المصرية فلم أفتقد منها شيء باستثناء حمام فرحات، أما عند ذهابي لمصر فقد افتقدت جميع الأطعمة، ومن الأسباب أن المطاعم المصرية تركز على الحجم أكثر من الجودة، ومن الأسباب الأخرى أن عمال المطاعم يتغيرون بسرعة عالية جدا حتى يصبح الحفاظ على الجودة صعب جدًا.
وإلى هنا فإن المهندس عبدالعزيز قد تحدث عن العمل في مصر وما قبل العمل وما بعد العمل، والحياة خارج نطاق العمل، كما أنه حدثني عن تفاصيل أكبر لم أستطع دمجها مع المقابلة المكتوبة خوف الإطالة، وبالطبع فإن لعبدالعزيز الكثير من القصص الطريفة في مصر “أم الطرافة” لكن المجال هنا لم يسمح لذكرها، أما التجربة العامة فقد رأيت أنها تستحق أن أنقلها لكم كما يرويها لنا شخصيًا.
2 replies on “مقابلة: العيش في مصر مع المهندس عبدالعزيز”
للاسف انت ظلمت مصر واهلها بكلامك عنها لانك منحاز في نطاق محدد جدا من مصر لايمثل ١٠
إعجابإعجاب
اولا اهلا بيك فى مصر او اى مكان اخر فى العالم واضح من الاماكن اللى زرتها انك ما شفت مصر كويس و اعتقد انك لو كتبت احياء فى زيارتك اما تجعلها شمولية فمصر كبيرة جدا جدا على هذه التجربة المصابة بالانيميا ههههههه صدقنى ما شرحته عن مصر فى كلامك هو اقل بكثير ما يحث لك شخصيا فى بلدك لو قارنا بالبطحة و الثقبة و الكرنتنا و بنى مالك و غيرها ……………
وكالعادة كل بلد فيها اماكن صالحة و ايضا اماكن ابو كلب ههههههههههههه المرة الجاية حاول تكون ميزانيتك تتحمل اقامة فى الشيخ زايد او التجمع او شرم او الساحل دون حصر ……….. و ستتفاجىء بالكثير
بالمناسبة انا لو زرت الرياض مثلا و سكنت بالبطحة او خانشليله اكيد تجربتى هتكون بشعه و لاكن هذه الاماكن لاتعبر عنم الاقامة فى نفس المدينة اقصد هنا الرياض مثلا
على كل حال واضح ان تجرتك داخل محدود و لاكن بجوار مشاوى فرحات
إعجابإعجاب