ما أقصى حدود الشعر؟ وهل للشعر حدود أصلًا؟ للنقاد والباحثين في الشعر إجابات لهذا، أما نحن عامة الناس فنتذوق الشعر فقط، فأنا أرى أن الشعر جمل أحب سماعها وأحب ترديدها، فلا أرى للشعر حدودًا دنيا، ولا تهمني، لكن ما حدود الشعر القصوى، وأين سينتهي الشعر ويعجز؟
ما أحب من الشعر هو ذلك الذي يحكي لي قصة ولو كانت بسيطة، لمخلوق جميل أو لرجل شجاع أو لأحداث غريبة، ولو قرأت القصة منثورة لما أخذت لبّي ولما وددت ترديدها.
ما أحب من الشعر هو ذلك الذي يصور لي الدنيا كما لم أتصور من قبل، مثل الشعر الذي ينقل لنا ما يحدث بين الجمادات كما لو كانوا بشرًا يحسون ويتشاركون الحديث لا لحب الجمادات لكن ليصف لنا حال البشر، ففي هذا الشعر رحلة خيالية تبدأ من شاعر إنسان ثم تنقلك إلى جمادات ثم تعيدك إلى الإنسان.
ما أحب من الشعر هو ذلك الذي يروي لي الحكم بكلمات أشجو بترديدها فلا أنساها، وهذا هدف الحكم الأسمى؛ أن لا تُنسى.
ما أحب من الشعر هو ذلك الذي يذكرني بربي ويعيدني إلى ربي، فيلين قلبي وأدعو الله.
ما أحب من الشعر هو ذلك الذي يصفصف كلماتنا التي نقول صفوفًا يحلو ترديدها وسماعها، رغم أنا نسمع الكثير من الكلمات لكننا لا نحب ترديد غير الشعر ، رغم أننا لا نعرف حدود الشعر.
ففي الشعر القصص والعظات والعبر، وفي الشعر لذيذ المنطوق وعذب الحديث، وفي الشعر ارتياح من ضجيج الحياة، وفي الشعر خيالات وصور تجعلنا نرى ما نسمع، وفي الشعر عودة لربنا رب العالمين، فإن كان للشعر حدود، فما منتهاه؟
للشعر حلاوة يفقدها الكثير ممن يظنون أن الشعر في الكتب، ولم يبدأ الشعر العربي مكتوبًا، بل بدأ مسموعًا لطيفًا على الأذن أخاذ للقلب والوجدان، ويظنون أن الشعر في أمسيات الشعر فقط، ولو كان هذا صحيحًا فيما مضى، فاليوم شعرنا العربي سهل الوصول وموجود وبكثرة وتنوع في منصات التواصل المختلفة.
لم يبخل علي الشعر يومًا بدهشته، فقررت ألا أبخل على الشعر أنا أيضًا، فخصصت لي قناة على منصة تيك توك ألقي بها أبياتًا قصيرة بإلقائي السريع خلال ١٥ ثانية، لأضفي للشعر لونًا جديدًا غير ذلك اللون المنمنق والبطئ الذي يعطي الشعر حقه وينسى المستمتع العجول، ومن هنا أتمنى لكم استماعًا ممتعاً.