حرب المقاهي والمطاعم والشاهي السعودي، حرب استعمار المزاج

هل حاربتك المقاهي يومًا؟ هل عشت تلك الفترة التي لا تبيع المقاهي في الرياض إلا مشروبات الإسبيرسو المرة والمليئة بالحليب؟ ما كنت أشعر به حينها أن المقاهي كانت تجبرني على شرب مشروبات لم أعرفها وحين عرفتها لم أملك الرغبة يومًا أن أحضرها في المنزل لأنها ليست لذيذة، بينما كنت أشرب الشاهي في المنزل لأنه المشروب اللذيذ الذي أحب، لكن المقاهي كانت تقدم المكان والجلسة فأذهب لهما، أما المطاعم فقضيتها أكبر.

أشكو لكم معاناتي في اليوم التاسع والعشرين من يوليو لعام ٢٠٢٢م، وهو تاريخ اليوم الذي رأيت فيه سماء الرياض مغطاة بالغيوم بعد صلاة الجمعة، فقررت حينها الخروج من المنزل والجلوس في مقهى بارد ولجلسته إطلالة واسعة للرياض الجميلة، فواجهتني مشكلتي الأزلية وهي أن المقاهي التي تقدم الشاهي السعودي لا تقدم المكان المرغوب أعلاه، وبعد أن ذكرت لكم المكان، دعوني أذكر لكم الشاهي السعودي.

هل تكره شاهي المقاهي والمطاعم مثلي وتحب شاهي البيوت السعودية والاستراحات؟ السبب بسيط، وهو أننا نشرب الشاهي السيلاني في بيوتنا ولا نشرب الشاهي الإنقليزي، لذلك فالشاهي السعودي هو الشاهي اللي تحضره البيوت السعودية، والبيوت السعودية تحضر الشاهي السيلاني في إبريق نصب منه الشاهي في بيلات زجاجية صغيرة، لكن المقاهي ما زالت تحارب الشاهي الذي نحب، وما زال الاستعمار الغربي لمقاهينا طاغيًا ومتفشيًا، وما زالت المقاهي تقدم لنا الغريب، مع أن المقاهي لم تعد غريبة، لكنني أصبحت أنا الغريب.

لا يوجد أي مطعم في تاريخ السعودية الطويل يقدم لك بيالة شاهي أحمر بعد العشاء! لماذا المطاعم تكرهننا؟ لماذا المطاعم لا تفهم ثقافتنا ولا تسعى لأن تفهمها؟ السبب في الماضي أن من يدير المطعم أجانبًا من جنسيات مختلفة لم يسبق لهم أن حضروا عزيمة سعودية يُقدم لهم الشاهي فيها بعد العشاء، لكن بعض المطاعم الآن يديرها سعوديون، لكن ثقافتنا ما زالت مكروهة فيها.

أشعر بوحشة الهجرة والحنين إلى بيتنا كلما ذهبت إلى مقهى جميل لا يقدم الشاهي الأحمر في إبريق أصب منه الشاهي في البيالات اعتادت يدي على حملها، وأنفر سريعا من المطاعم التي تستنفذ أموالي ولا تقدم لي الشاهي بعدما أشبع، لماذا المقاهي والمطاعم لا تبيع مزاجي؟